فلسطين
منذ 23 ساعة
الهدم الذاتي... وسيلة دفاعية لتجنب غرامات بلدية القدس

شهدت عدة أحياء في القدس الشرقية خلال الأسبوع الماضي سلسلة من عمليات الهدم الذاتي للمنازل، بعد قرارات صادرة عن بلدية القدس بدعوى البناء من دون ترخيص.
في حي العيسوية، اضطر الشاب المقدسي طاهر درباس إلى هدم منزله بنفسه بعد أن تسلّم إخطارًا بالهدم. وبحسب درباس، فقد منحت البلدية مهلة 24 ساعة فقط، وقال: "إذا لم نقم بالهدم سنتحمل تكاليف باهظة لقيام الطواقم البلدية بتنفيذ العملية". ويوضح أن قراره بالهدم الذاتي جاء لتفادي الغرامات المالية ورسوم تأمين الشرطة.
وفي جبل المكبر، واجه شاب مقدسي موقفًا مشابهًا بعدما أُجبر على هدم المنزل الذي كان يستعد للسكن فيه عقب زفافه المقرر خلال شهرين. ورغم صعوبة القرار، اختار الهدم الذاتي لتقليل حجم الخسائر المادية والبحث عن بدائل سكنية. كما سُجلت حالة أخرى في حي سلوان.
وبحسب مؤسسات حقوقية، يلجأ العديد من سكان القدس إلى الهدم الذاتي كخيار اضطراري لتجنّب تكاليف إضافية تفرضها البلدية في حال قيامها بالهدم مباشرة. وتشمل هذه التكاليف أجور فرق التنفيذ ونفقات الشرطة.
ويرى خبراء أن البيروقراطية المرتبطة بإجراءات الترخيص وصعوبة الحصول على الموافقات، إضافة إلى الكلفة المرتفعة لرخص البناء ورسوم التخطيط، هي من أبرز الأسباب التي تدفع السكان إلى البناء من دون ترخيص، وبالتالي مواجهة خطر الهدم.
ولا تحظى عمليات الهدم الذاتي بتغطية إعلامية واسعة مقارنة بعمليات الهدم التي تنفذها الشرطة الإسرائيلية وعناصر البلدية. ومع ذلك، تُظهر الإحصاءات الأخيرة تزايدًا ملحوظًا في لجوء الفلسطينيين إلى هذا الخيار لتجنب الغرامات المالية الكبيرة واحتمال السجن في حالة عدم السداد.
ويشير د. حنا سويد، مؤسس المركز العربي للتخطيط البديل، إلى أن "الهدم الذاتي ليس خيارًا طوعيًا، بل وسيلة دفاعية لتقليل حجم الأضرار". ويضيف أنه رغم غياب إحصاءات دقيقة، فإن هذه الظاهرة باتت أكثر شيوعًا في القدس خلال السنوات الأخيرة.
من جانبه، يشير المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة إلى أن لجوء المقدسيين إلى هدم منازلهم بأنفسهم قد يخفف الأعباء المالية عنهم، لكنه في الوقت نفسه يسلط الضوء على أزمة سكنية متفاقمة في المدينة. ويؤكد على "الحاجة الماسة لحلول إسكانية مستدامة، وإصلاح السياسات البلدية التي تعمق من معاناة السكان بدلًا من معالجتها".
ويقدَّر عدد سكان القدس الشرقية بنحو 350 ألف نسمة، معظمهم يحملون بطاقة إقامة دائمة. ومنذ عام 1967، تواصل السلطات الإسرائيلية فرض سياسات عمرانية وتنظيمية في المدينة، في وقت تؤكد فيه قرارات مجلس الأمن الدولي على عدم الاعتراف بأي تغييرات ديموغرافية أو جغرافية في القدس الشرقية.